ســــــــــــــتار الجـــزائر

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
ســــــــــــــتار الجـــزائر

مرحبا بيكــــــــم في منتدي سـتار الجزائر


    «لا يجوز لأعدائنا أن يملوا علينا قيمهم»... أدباء اسرائيليون يؤيدون «تلقين الفلسطينيين درساً»

    Admin
    Admin
    Admin


    المساهمات : 88
    تاريخ التسجيل : 11/01/2009
    العمر : 40
    الموقع : https://star-algeria.yoo7.com

    «لا يجوز لأعدائنا أن يملوا علينا قيمهم»... أدباء اسرائيليون يؤيدون «تلقين الفلسطينيين درساً» Empty «لا يجوز لأعدائنا أن يملوا علينا قيمهم»... أدباء اسرائيليون يؤيدون «تلقين الفلسطينيين درساً»

    مُساهمة  Admin 17/1/2009, 18:05

    جرت العادة، كلما شنت اسرائيل حرباً دموية على الفلسطينيين أو العرب، أن يعلن الكتاب العبريون موقفاً منها، باعتبارهم «حراس شرف الكلمة». وتتجه أنظار الرأي العام، خصوصاً، الى ما بات يعرف بـ «الترويكا» الأدبية الاسرائيلية المؤلفة من أبرز ثلاثة كتاب، هم عاموس عوز وأبراهام ب. يهوشواع ودافيد غروسمان.

    في إبان حرب لبنان الثانية، صيف 2006، تحركت هذه «الترويكا» معاً ونشرت، في 6 آب (أغسطس) من ذلك العام، أي بعد مرور أكثر من ثلاثة أسابيع على اندلاع الحرب، نداء في صحيفة «هآرتس» دعت فيه الى أن توافق حكومة ايهود أولمرت على «اتفاق متبادل لوقف اطلاق النار».

    وعلى ما يبدو فإن الحرب على غزة لم تنجح في أن تجمع بين أضلاع هذه «الترويكا» مرة أخرى، غير أن كلاً منهم لم يتلكأ في نشر موقفه على حدة. كان البادئ غروسمان، الذي قتل نجله الأصغر في آخر أيام حرب لبنان الثانية، عبر مقال ظهر في صحيفة «هآرتس» في 30 كانون الأول (ديسمبر) 2008، وتلاه عوز بمقال في صحيفة «يديعوت أحرونوت» في 31 كانون الأول 2008، ومن ثم أبراهام يهوشواع بمقال في صحيفة «معاريف» في 6 كانون الثاني (يناير) 2009.

    ولكن على رغم هذه «الفُرقة»، التي لم نتعثر بأسبابها بعد، ظلت المفارقة الرئيسة كامنة في مساحة الالتقاء بين المقالات الثلاثة. ومن ناحية أخرى هناك الوحدة في رؤية الهدف المرغوب فيه إسرائيلياً. ثمة اختلاف لكنه شكليّ، لا يمس الجذور الحقيقية للموقف الإسرائيلي التقليدي. أمّا البديل الذي يطرح تغييراً جذرياً لمحتوى العلاقات بين الطرفين، وقد يكون إيذاناً بحدوث اختراق، فلا يزال من نصيب فئات قليلة من الكتاب الإسرائيليين، ليست مؤثرة في المشهد الثقافي العام، على رغم رصانة خطابها، ولكونه من ناحية منطقية الأكثر مدعاة للتعاطف.

    تلتقي المقالات الثلاثة في العناوين الرئيسية الآتية: 1 - أن المقاومة هي المسؤولة عن تدهور الأوضاع في غزة، فلولا قيامها بإطلاق الصواريخ على إسرائيل لما كانت هناك حاجة إلى عملية عسكرية. 2 - الدعوة إلى أن تبادر إسرائيل إلى وقف إطلاق النار، والاكتفاء بما ألحقته العملية العسكرية الإسرائيلية من قتل ودمار بغزة وأهلها إلى الآن. 3 - السعي إلى تسوية المشكلة مع «حماس» سياسياً. وزاد يهوشواع على ما قاله عوز وغروسمان في هذا الشأن أن لا مهرب من التحادث معها في نهاية المطاف.

    وتتسق مع موقف «الترويكا» الأدبية مواقف أدباء إسرائيليين آخرين كثيرين، برز من بينها بيان صدر عن «ثنائي أدبي» من جيل الأدباء الإسرائيليين الأصغر سناً، هما الزوجان إتغار كيرت وشيرا غيفن، وقد ظهر في صحيفة «يديعوت أحرونوت» في 8 كانون الثاني 2009، داعياً رئيس الحكومة الإسرائيلية إلى «استثناء الخيار، الذي قد ينطوي على أخطار قتل أطفال فلسطينيين بعدد روّاد روضة واحدة، من مجمل الخيارات السياسية والعسكرية المتاحة أمامه لإدارة الحرب في غزة» من تلك اللحظة فصاعداً. وذلك بهدف «عدم منح أعدائنا فرصة إملاء عالم قيمهم وأخلاقهم علينا». ونقول من تلك اللحظة فصاعداً، لأن البيان جاء عقب مقتل عدد كهذا من الأطفال الفلسطينيين في إحدى المدارس التابعة لوكالة غوث اللاجئين.

    وإذا كان ممكناً، لدوافع أخلاقية وإنسانية محضة، أن نبدي قدراً من التفهم لواقع أن إطلاق الصواريخ الفلسطينية على المستوطنات الإسرائيلية، يثير حفيظة هؤلاء الأدباء، فلا يجوز تجاهل جوهر ما تنطوي عليه مواقفهم من سعي مفرط في تجرّده لإبراز التفوق الأخلاقي على الفلسطينيين، حتى في الوقت الذي لا تنفك الآلة الحربية الإسرائيلية تطحنهم مع تراب الأرض. خصوصاً أنه من طراز «التفوّق الأخلاقي» الذي يجعلهم لا يربأون التسليم، بداهة، ومن دون أدنى مساءلة أخلاقية، بضرورة تلقين الفلسطينيين درساً قاسياً أولاً، ما يضطرهم إلى أن يخرّوا صاغرين أو أن يزحفوا إلى طاولة مفاوضات أقصى غايتها إسكات الزمن الفلسطيني، أي محو التاريخ الكامل لهذه البلاد، على قول البروفسور أورن يفتاحئيل، أستاذ الجغرافيا السياسية في جامعة «بن غوريون» في بئر السبع.

    ما من شكّ في أن «تلقين الفلسطينيين درساً» هو «مبدأ أصيل» في الفكر الإسرائيلي المؤدلج بالصهيونية، ينمّ عن عقلية كولونيالية راسخة، بحسب ما يؤكد الصحافي والمؤرخ الإسرائيلي الجديد توم سيغف، الذي كان واحداً من الأصوات الإسرائيلية القليلة التي سمّت الأشياء بأسمائها الحقيقية، فور أن بدأت المدافع دويّها. فقد كتب في زاويته الأسبوعية في صحيفة «هآرتس»، في 28 كانون الأول 2008، يقول: «إسرائيل تسدّد الضربات إلى الفلسطينيين من أجل «أن تلقنهم درساً». وهذه هي إحدى الفرضيات الأساسية، التي ترافق المشروع الصهيوني منذ بدايته. فنحن - اليهود - مندوبو التقدّم والحضارة، الحنكة العقلانية والأخلاق، والعرب هم رعاع بدائيون ذوو نزعات عنيفة وهوجاء، جهلة لا بُدّ من تربيتهم وتعليمهم الفهم الصحيح بطريقة «العصا و الجزرة»، على غرار ما يفعل المكاريّ مع حماره. ويفترض بقصف غزة أن «يقضي على سلطة حماس»، وفقاً لفرضية أخرى ترافق الحركة الصهيونية منذ تأسيسها، وبموجبها في الوسع أن نفرض على الفلسطينيين قيادة «معتدلة» تتنازل عن تطلعاتهم القومية. إن التبرير الإسرائيلي للحرب على غزة، والأهداف التي وُضعت لها هي بمثابة إعادة لفرضيات أساسية ثبت بطلانها مراراً وتكراراً، غير أن إسرائيل تعيد إنتاجها من حرب إلى أخرى».

    وسبق لمؤرخ إسرائيلي آخر، هو شلومو زاند، صاحب كتاب «متى وكيف اُخترع الشعب اليهودي؟»، أن اعتبر الكلمات «حجراً أساسياً في اختراع القومية اليهودية الجديدة». وعلى ما يبدو فإنها تعيد إنتاج ذاتها، على نحو خاص، بين «مفترق طرق» وآخر، كما هي الحال الآن إزاء «مفترق» الحرب على غزة.

    ويقف في عمق هذا التكرار وإعادة الإنتاج الانغلاق تجاه الألم الفلسطيني، ربما لأن التماثل مع هذا الألم يجعل صاحبه في مستوى واحد مع العرب، كما قال ذات مرة الشاعر إسحق لاؤور. لكن يبدو لي أن دافع هذا الانغلاق كامن في ما سبق أن أورده يهوشواع على لسان «نعيم»، بطل روايته الشهيرة «العاشق»، في ثمانينات القرن الفائت: «قال نعيم: ينبغي بنا، نحن [يقصد العرب في الداخل] الذين نكاد نقضي اليوم كله إلى جانبهم [يقصد اليهود]، أن نكون حذرين للغاية. كلا، إنهم لا يكرهوننا. إن من يعتقد أنهم يكرهوننا يرتكب خطأ فادحاً. فنحن خارج نطاق كراهيتهم، نحن أشبه بظلال بالنسبة لهم.

    مع ذلك فإن يهوشواع نفسه، الذي شفّ ما وضعه على لسان «بطله العربي» عما ساوره من شعور آنذاك، يؤكد الآن أن العرب ليسوا كائنات ميتافيزيقية، وإنما كائنات بشرية تتعرّض للتغيير على غرار ما نتعرّض نحن له. وبناء على ذلك في وسعنا القول إن إصرار الإنسان العربي على حضوره في الحكاية ساهم، في طريقة ما، في زحزحة بعض القيم وربما في احلال قيم أخرى، قد تكون مغايرة، محلها لكنه لم يزلزل وضعاً قائماً بعد.

      الوقت/التاريخ الآن هو 23/6/2024, 22:50